الخميس 19 ديسمبر 2024

رواية بقلم ډفنا عمرو

انت في الصفحة 12 من 30 صفحات

موقع أيام نيوز

وتبعها الأخر بقوله 
أنا كمان استأذن حضرتك أمين بيه 
أشار له بالجلوس وقال خليك شوية يا جسار حابب ادردش معاك واحنا بنشرب القهوة 
تحت أمر حضرتك 
أمر بإحضار قهوتهما ثم قال قولي بقي انطباعك ايه في الشغل معانا مرتاح 
غمغم بصدق مرتاح بس أنا بجد محظوظ بانضماني للصرح العظيم ده ماشاء الله حضرتك واخوك وولاده والأنسة شمس وسارة بجد في تناسق رائع بينكم وكله بيجتهد لمصلحة الشركة مافيش دلع ولا تهاون كله قلب واحد وبيحب شغله حتى الموظفين نفسهم 
الحمد لله الصرح اللي انت شايفه ده مجاش من فراغ احنا شقينا وتعبنا كتير انا واخويا عشان نبنيه ونكبره والحمد لله ولادنا كملوا معانا 
ربنا يبارك فيهم وفيكم يا امين بيه 
وفيك ياجسار الحقيقة انا معجب جدا بشغلك حتي من قبل ما تيجي انك في العمر الصغير ده وأسمك يتردد في عالم المحاماه بالشكل ده أكيد دي عبقرية منك 
ابتسم له شكرا لحضرتك أمال لو عرفت اني في الكلية أخدت السنة بسنتين هتقول ايه 
تعجب قوله معقولة ازاي
معرفش في فترة من حياتي كنت مشتت ومش لاقي حافز 
ودلوقت لقيت نفسك وحققت اللي بتتمناه 
نظر أمامه صامتا برهة بشخوص ثم قال ياريت اقدر احققه للأسف صعب اوصل للي بتمناه 
ليه صعب مش يمكن انت متوجه غلط 
ازاي
ماهو بالعقل كده لو حاولت توصل لحاجة وماوصلتش يبقي الطبيعي تغير طريقك عشان تلاقي نتيجة مختلفة 
كلام حضرتك مظبوط يمكن وجهتي فعلا غلط 
طيب أشرب قهوتك هتبرد حاضر 
ارتشفها سريعا ثم نهض قائلا استأذنك أروح مكتبي 
اتفضل 
منذ أتاه الجد وهو يتفقد كل التفاصيل بضيق أما توفيق طغى عليه الحزن كأنه يلوم نفسه لموقف زوجته أما رائف كان شارد بعض الشيء فاقد لمزاجه ومرحه فغمغم لهم 
طبعا البيت بيتكم ياجماعة دقيقة بس هنادي أشرف يتغدا معانا أحسن شكله مكسوف يطلع 
رحل ليترك لهم مجالا لأفراغ دهشتهم من مسكنه المتواضع راجيا ألا يضغط عليه الجد بالعودة فلا يود أن يخذله وهذا مع سيحدث قطعا لو طرح عرض عودته ثانيا 
ايه يا ابني ماطلعتش ليه الأكل هيبرد 
معلش يا جسار
اعفيني خليكم براحتكم أكيد هيحبوا يكلموك وانتوا برضو عيلة في بعض 
حدجه بنظرة صارمة وقال خلصت الهبد بتاعك يا أشرف اتفضل اطلع قدامي يلا 
صدقني مش هينفع علي الأقل المرة دي لو اتكررت زيارتهم تاني والله لاكون موجود روح لضيوفك بقي عيب تسيبهم ولو احتاجت حاجة عرفني 
أومأ له برضوخ ولو انك مش غريب بس خلاص براحتك أشوفك بالليل 
إن شاء الله 
نهض يتجول في المنزل المتواضع بحسرة جدرانه دون طلاء أثاثه زهيد صحون مطبخه الصغير
تكاد تعد على الإصبع كيف يحيا حفيده في هذا الوضع المؤسف بعد حياة الرفاهية لمح باب غرفته موارب فتقدم بفضول ليجد فراش صغير وخزانة ملابس وكومود يعلوه برواز ما التقطه ليراه ترقرقت عينه وهو يبصر صورته هو وجسار حين كان خمس سنوت تحسس ملامحه البريئة بحنان وحب لتسقط دمعته فوق البرواز ليباغت بيد حانية تجفف دمعته ليلتفت لجسار الذي أتي لتوه قائلا كل يوم ببوس صورتك قبل ما انام ياجدي عشان تعرف ان مفيش حاجة هتفرقنا ولا تنسيني انك ربتني وكبرتني وعلمتني 
عانق وجهه براحته المرتعشة وهمس برجاء عشان خاطري ارجع معايا تاني مش هقدر اسيبك في المكان ده وامشي بقي بعد العز اللي عشت فيه تعيش هنا
بابا عنده حق ياجسار 
قالها توفيق الذي انضم إليهما واقفا علي عتبة غرفته بينما صاح رائف أنا أصلا مش عارف انت ليه مشيت ماشي اكتشفت الحقيقة بس كمان انت عشت عمرك كله معانا ومع جدي واحنا بنحبك ليه تسيبنا ياجسار 
جالت عينه بينهما ثم دعاهم للجلوس في الردهة قال ناظرا لأحداقهم بقوة وثقة والرضا يملأ قلبه رجوعي تاني هناك وكأن معرفتش حاجة ده صعب مش من حقي أعيش حياتكم لأنها مش ليا أنا دايما كنت بحس بغربة هناك قولولي
ايه هيبدل المكان الغريب ده لوطن بالعكس رغم سكني المتواضع هنا بس حاسس انه مكاني تمنه بعرقي مرتاح فيه أكتر من القصر اللي عشت فيه هناك 
يااااه للدرجة دي كنت تعيس معايا 
أنا لو في حاجة صبرتني علي غربة روحي وخلتني اتحمل فكرة أن بابا وماما مش بيحبوني هو انت ياجدي حبك وحنانك وخۏفك عليا الفكرة أني هنا مستقر نفسيا وراضي فوق ماتتصورا ولعلمكم
أنا باخد مرتب كويس جدا من شغلي واقدر اسكن في شقة أرقي بكتير بس يمكن مش هرتاح فيها زي هنا أشرف معايا مش بيسبني وعيلته بقوا أهلي أنا مبسوط الحمد لله مش عايزكم تحملوا همي أدعولي بس أعرف طريق أهلي 
خبط رائف جبهته مع قوله يا نهار ابيض ده انا نسيت اكلم صاحبي واعرف وصل لايه في موضوعك 
جسار برجاء طب كلمه دلوقت عشان خاطري 
من عيوني 
وظل يحاول مرارا ليهتف أخيرا مش بيرد عليا ممكن يكون نايم 
تنهد أخيه خلاص خلينا نتغدا وبعدها تتصل تاني 
دعاهم ليلتفوا حول طاولة الطعام والشقيقان يتمازحان ليبددا تجهم وجهي الجد وتوفيق وينتهي الأمر بجلسة دافئة مرحة ورائف يقص لهم نوادره مع رفاقه 
توفيق تسلم ايدك ياجسار الأكل كان تحفة 
بألف هنا ده عمايل طنط مامة أشرف حبيت تدوقوا أكلها وتعرفوا ليه أنا لابد هنا ومش عايز امشي 
ابتسم الجد وابنه بعد أن تشكلت لديهم قناعة انه سعيدا في هذا المكان بينما قال رائف ليك حق انا أكلت كتير اوي وبطني هتفرقع 
ثم مازحه ابقي اشكرلي طنط وبنتها المزة اللي شوفتها شايلة صنية الأكل وأنا طالع وعرفتني عليها انها أخت أشرف 
خبطه في رأسه بتحذير أحترم نفسك يالا دي لسه عيلة في ثانوي وفي مقام اختي 
العيل مسيره يكبر يابرنس وبعدين بلاش تكون قطاع أرزاقولعلمك أنا هاجيلك كل يوم أطمن عليك
رفع جسار حاجبيه بتهكم تطمن عليا أنا برضو عموما أنا ماليش دعوة وهسيبك لأشرف هو اللي هيظبطك ثم حدث جده أنا بقي هروح اعملكم أحلى شاي دقيقة وجاي 
غاب دقائق عاد بعدها حاملا أقداح الشاي الساخن ورائف يهتف بحماس صاحبي بيرن اخيرا 
ثم أشار لهم بالتزام الصمت وراح يستمع لصديقه وعين جسار ترصد تعبيرات وجهه ليستشف شيئا وداخله يتضرع لله أن يعلم معلومة توصله لأبيه 
أنهي رائف مكالمته مع رفيقه وانتظر الجميع قوله فغمغم قريب صديقي اللي في الشرطة ده تقصي فعلا عن الحاډث وكل اللي لقاه متسجل انها حافلة محترقة وكل اللي فيها تفحم وانه السائق بتاعها كان فلبيني ومعاه ركاب كتير بجنسيات مختلفة مابين سيدات ورجال الطب الشرعي وقتها عرف من تحليل الحمض النووي وبقايا الطعام الچنسية السيدات اللي كانت في الحافلة كلهم مصريين يعني أنت أصولك مصرية ياجسار دي المعلومة الوحيدة اللي اتأكدت وللأسف محدش من أهالي المفقودين ظهر وبلغ وقتها عشان كده ملف الحاډث اتقفل على كده 
خيبة أمل كبيرة غشت وجه جسار المطرق بحزن بعد أن فقد أمله أن يجد والده الحقيقي ليربت علي ظهره الجد نادر بحنان قائلا ماتزعلش ياحبيبي يمكن خير وانت
ماتعرفش يجوز لو عرفت أهلك تقول ياريتني ماعرفتهم ويجوز بدون ترتيب تلاقي فجأة خيط يوصلك ليهم ثم قال بتأنيب لذاته الحق عليا أنا يمكن لو سعيت اعرف أهلك وقتها
وانا هناك كنت عرفت بس انا اتعلقت بيك ومقدرتش اتخيل انك تبعد عني 
اشفق عليه جسار فربت علي كفه كله نصيب ياجدي ماتحملش نفسك ذنب يمكن كنت دورت وما وصلتش لحاجة مادام محدش بلغ وحاول يسأل من أهلي 
بس كنت هبقي حاولت 
تنهد مع قوله خلاص ياجدي اللي حصل حصل وربنا قادر يجمعني بأهلي تاني 
ثم دعاهم لارتشاف الشاي وبعد وقت قصير غادر جميعهم ومكث جسار يفكر بخيبته ثم استغفر الله وراح يدعوه أن يساعده في العثور على أهله 
يتبع 
الفصل الثامن
حين تتضافر الفواجع حول عنقك وتتشابك اقدارك وتذخر حياتك بالاختبارات القاسېة كن بمستوي اختباراتها ولا ترسب بها مهما كلفك الأمر من عناء وجهد وكد الظروف المؤلمة هي من ترسم بريشتها مستقبلنا وتصنع حدوده عافر وتمسك بالأمل و لا تظل أمامها جزع ضعيف مكسور لا حياه به وثق أنه لن تغيب ملامح السعادة للابد عن ملامحك ويوما ما ستتفاجأ بها تتلون گ زهور الربيع يوم يحين أوانها وتقطف ثمارها بالأخير !
مضى عام وجسار يجتهد في عمله مع شركة السيد أمين فاستحوذ علي إعجابه و ثقته الكاملة هو وشقيقه السيد رضوان والأكثر الألفة التي جمعت بينه وبين أولاد الأخير فصاروا رفاق متقاربين علي المستوي الشخصي حد التعلق وكثيرا من الأمور تشابهت بينهم حتي أشرف ورائف صارو من ضمن أصدقائهم مثله أما سارة فتوطدت علاقتها بجسار لكن شمس كان لها النصيب الأكبر من اهتمامه وعيناه ترصدها بشغف كل يوم مكتشفا بها أشياء تدعوه للفخر قبل الإعجاب بها ويعترف لنفسه أنها احتلت جزء ليس هين من قلبه ورغم كل مشاغله وعالمه الجديد والحافل لم يهمل علاقته بالجد وشقيقه رائف بل ازدادت قوة حتى توفيق نبتت بينهما بذور من الألفة لم تكن لها وجود من قبل صار يحبه ويلتقيه كثيرا لكنه مازال يرفض الذهاب معهم للفيلا ربما يرفض رؤية إلهام فلم يصفوا لها وجدار الجفاء بينهما
قائما كما هو وكي يرضي جده أكثر قسم وقته بين المكتب والشركة وعاد يتولي إدارته ليحصد في فترة وجيزة قضايا معقدة بانتصار ساحق لموكليه فصعد نجمه أكثر وتردد أسمه بقوة بين جدران المحاكم لكن ما كان يؤرقه انه يصنع مجدا لأسم رجل ليس أبيه الحقيقي كان يود أن يصدح أسم والده في الأفواه ومع هذا حمد الله على حاله وما وصل إليه 
بفرحة حقيقية صاح جسار
ألف مبروك ياحمزة ربنا يتملك علي خير 
رد الاخير بود الله يبارك فيك ياجسار عقبالك إن شاء الله 
بإذن الله طيب مش محتاج أي مساعدة في ترتيبات الفرح أو التسوق أنا جاهز أي وقت 
ابتسم له الأخر ممتنا تسلم يا متر ماتقلقش كله تحت السيطرة المهم انت مش محتاج عزومة ده فرح اخوك 
أسعده وقع الكلمة فغمغم بصدق ربنا يعلم أنت واخوك ريان بقيتوا فعلا اخواتي زي أشرف ورائف بالظبط يا حمزة 
ده شرف لينا ياجسار وكويس انك فكرتني اتصل بأشرف اعزمه علي فرحي 
هيبقي افضل فعلا لو كلمته بنفسك لأن لو جت مني كان ممكن يتحرج يجي 
لا منا فاهم أنا هتصل واعزمه بنفسي هو شخصية محترمة جدا وحبيته رغم مقابلتنا القليلة 
هو كمان بيعزك انت وريان جدا 
ربنا يديم المحبة أما رائف فصاحبه ريان هيعزمه
ابتسم له تحسهم دماغ واحدة سبحان الله 
أه والله نفس اللسعة 
قهقه جسار بالظبط كده مجانين زي بعض 
جمال فرعوني تألقت به شمسه
كأنها ملكة لفتت النظر بأناقتها الواضحة رغم حشمة ثوبها الفضي تتنقل بين
المدعوين وابتسامة رقيقة تعلو شفتاها اللامعة يرصدها أينما ذهبت مآخوذا بطلتها الجاذبة له بشدة كأنه لم يصول
11  12  13 

انت في الصفحة 12 من 30 صفحات