خيوط الغرام بقلم دنيا ابراهيم
يا قطه يا ناكره للجميل .... انا ماشيه يا واطيه وانتي شوفي عيالك اللي مجوعاهم ويارب ابوهم يجي شرير و جعان ويخربها علي دماغك ...
ضحك الاثنان و اتجهت شروق معها حتي اطمأنت انها دلفت الي شقتها بالجهة المقابلة واغلقت الباب وهي تتجه الي غرفه الصغيران حيث يلعبان فصاحت بمرح وهي تطل من الباب ....
مين عايز ياكل بورجر و بطاطس !!!.
انا انا انا !!
لتلتفت شروق بمرح وهي تمسك بجنينها بيدها اليسرى و تشير للطفلين للهرع خلفها باليد اليمني قائله ....
ورايا علي الفيزبا !!!
ضحك الصغيران وامسك يوسف بطرف ثوبها و تبعته فيري تمسك بطرف قميصه من الخلف بحماسه وفرح افتقداه كثيرا ......
......
في مكان عمل ظافر.....
جلس ظافر يفرك عينيه فقد ارهقه العمل علي الحاسب منذ ان جلس علي مكتبه في الصباح كمدير قسم البرمجيات في الشركة ولكن العمل عمل ومن يطلب العلا عليه الشقاء !!
و بالطبع كأي فكر اخر يراوده يجب ان يتلوه فكر عنها شروق لا يعلم لما و كيف تغلغلت داخله هكذا ربما حب يحيي لها و مديحه الدائم لها طوال شهور متواصلة حتي من قبل ان تعلم هي بوجوده و مراقبته لها ....
او ربما هدوئها وحبها الظاهر لأطفاله فيجد بها بديل لام افتقدوها ....
شيء يرفض تحديده او الاشارة اليه ولكنه يشعره بالنقص بدونه والوحدة القاټلة !!!!!
تماما كحالة پوفاة يحيي اغمض عينيه پألم كم يشتاق الي ذلك العنيد السلس المعشر رحمه الله و يجعله في فسيح جناته ....
نظر له احد زملاءه قائلا...
مالك يا ظافر
مفيش حاجه صداع خفيف !!
هز رأسه و هو يعود الي عمله مره اخري ....
اما ظافر فقد غرق في ذكريات أليمه مر عليها شهور و
لكن كل دقيقه تعود اليه وكأنها حدثت للتو ليفقد رفيق العمر الالاف المرات في اليوم .....
فلااااااش باك....
جلس كالتمثال وسط شقته لا يصدق ما حدث منذ وصول الخبر المشؤم في الصباح الباكر يحيي من تبقي له من عائلته في هذه الحياه رحل عنه و تركه وحيدا !!
يتذكر ذلك ليشفي ڼار فقدانه زفر وهو يعاود الاستغفار ينظر حول الرقعة التي يجلس بها ...
ويتذكر وقوفه في تلك الرقعة بالذات وسط أطفاله وكأنه طفل بينهم قبل ان يبدأ الغناء بمرح بأغاني الجيش والوطن وهو يمشي خطوات عسكريه سريعة وكأنه يقدم عرضا عسكريا حصري لأبناء ظافر فيصيح بمرح...
فيصيح اولاده بأصوات مبتسمه غير واعيه لمعاني ساميه ولكنها البداية ليلين
القلب لام غالية ....
وقالوا ايه علينا دولا وقالوا ايه !!!!
فيلتفت بسعادة و جديه مصطنعة صائحا بصوتا اجش...
لشهاده رايحين ...ماتقولوا امين !!!
فيردد الطفلين بسعادة ...
اميييييييييييييين !!
تجمعت دموعه في مقلتيه و ذكرياته تعود به من بين اصوات ضاحكة عابثة انتهت من اداء تحية عسكرية وهمية لثلاثتهم فيبدأ المرح الحقيقي ويحيي يركض خلفهم و كأنها مداهمه لاصطيادهم ......
تنفس من فمه يحاول تمالك مشاعره و دموعه المحاربة للسقوط ... لقد ظن ان تلك الدموع جفت پوفاة والدته رحمها الله ولكن الحياة تصر علي اختطافها من بين جفنيه ومعاقبته بالعيش وحيدا....
خيم عليه الحزن اكثر وهو يستمع الي اصوات البكاء من اعلي .....
ابن عمه والاخ وصديق عمره رحل في مقتبل العمر كزهره اقتطفت في اوج ازدهارها ....
ذلك العريس الذي لم يمضي علي زواجه السبعة ايام و زوجته الصغيرة يافعه الشباب و قلبها المحطم و صوت بكاءها الذي يرفض الابتعاد عن ذهنه !!!
اغمض عينيه بشده ليعاود فتحها وهو يتمني ان يكون مجرد كابوس و يستفيق منه في اي لحظه ....
صوت بكاء و صړاخ هستيري يأتي من اعلي ...تلك المسكينة ترفض مغادره عش الزوجية التي لم تتهنا به هي او هو.....
شعر بصغيريه يحاوطان قدميه پذعر....
فمال بحنان و قلق يرفع كلا منهما و يضعهم علي ساقيه يحتضنهم الي صدره قائلا وهو يري دموع صغيرته....
ماتعيطيش يا حبيبه بابا مفيش حاجه ...
انا خاېفه يا بابي !! ..
وانا كمان !! هي طنط شيري مالها !
قالها يوسف و هو الاخر علي حافه البكاء و لكن كعادته يحاول امساك دموعه امام والده و شقيقته الصغيرة حتي لا يزيد خۏفها ...
نظر لهم بحيره يبحث عن مقوله لا تكسر بخاطرهم و براءتهم في ان واحد و لكنه لم يجد....
طنط تعبانة شويه بس متخافوش هي هتبقي كويسه قريب ممكن تبطلي عياط يا فيري عشان خاطر بابي مش بيحب يشوف الدموع دي !!..
قالها ظافر بنبرة حانيه و هو يزيل بقايا دموعها من علي وجهها الصغير البرئ ..
ظل يوسف ينظر له مطولا تلك النظرات الواعية التي تحزن ظافر علي ضياع طفولته ليلتفت له ظافر وهو يعقد حاجبيه بتساؤل فيبتسم الصغير قليلا و يعاود ډفن رأسه في صدر والده ......
علت صرخات شروق القادمة من الشقة العلوية و ووصلت الي اذانه خبطات اقدام و كأنها تركض بحيره يمينا و يسارا فوق رأسه ..
تأكله القلق و قرر التدخل انسانيا علي الاقل وليس لأي غرض اخر يشعره بخجل وتأنيب الضمير !!....
حمل يوسف و فيري معا لتبرز عضلات يديه المكتسبة من العمل فقد شقى كثرا في شبابه هو و يحيي عندما فقدا كل افراد اسرتهم الصغيرة و المكونة من والده و عمه و زوجتيهم الواحد تلو الاخر ....
بدأت عندما فقد والده وعمه لواءين سابقين تم اغتياله بسبب احباطهم لبعض الارهاب مصادفة ....
ليليه والدته التي لم تتحمل الصدمة فيصبح يتيم الاب و الام و هو علي مشارف الجامعة ...
لينتهي يحيي في الكلية الحړبية راغبا في اتباع مسيرة والده و عمه و ان يفقد والدته سريعا بعد صراع مع المړض ...
اما هو فلجأ لمجال اخر يبحث به عن حياة افتقدها ....
قد تبدو حياة تعيسة فاقدة لكلمة حياة حتي ولكنه ويحيي كانا سندا لبعضهم البعض وتعلما الفرحة والحب معا !!!
احبط بشده وهو يتذكر وقوعه في
شباك الفتاة الغنية جميلة الجميلات ليتزوجها فيكتشف مع الايام انها قبيحة الروح و جافية القلب ليضيع من عمره ثلاث اعوام شاقه مع تلك البغيضة الشمطاء يحاول اصلاح الامور دون جدوي و الامر الجيد الذي خرج به منها ويريح قلبه هو يوسف الذي اكمل عامه الثاني حينها و فريدة التي تركتها له وهي رضيعه لم تكمل شهور بقسۏة لم يعهدها او تقابله يوما !!!!!
نظر بأسي الي طفليه وهو يدثرهم بفراشهم و يتحسر علي فقدانهم لحنان الام و امانها فعلي الاقل هو عاش اسعد ايامه مع والديه وتعلم معني الاحتواء الذي يفشل هو بمفرده في توفيره .....
ابتسم قليلا ليوسف الذي يقسو عليه قليلا ليصبح رجلا و يتحمل مسئوليه ليست له و لكنه بكل شجاعة يصر علي اتمام دوره لإسعاده و حمايه شقيقته ....
امسك بيده الصغيرة يقبلها و يربت عليها فترتسم ابتسامه يوسف صراحه و فخرا لأنه يرضي والده ....
اتسعت ابتسامه ظافر بحب و فخر و عاد يقبل رأسه و يربت علي شعره مره قبل ان يردف قائلا....
ناموا وانا هطلع اطمن علي طنط و هنزل اطمنكم اتفقنا !...
اتفقنا ....
قال الصغيران بصوت ناعس ليبتسم داخله يعلم تمام ان الاثنان سيغطان في نوم عميق ما ان يغلق الباب .....
ترك النور مضاء لإرضاء فريدة و ما ان اغلق الباب حتي زالت ابتسامته وهو يضع رأسه علي الباب و يرتسم الحزن ملامحه تنفس بعمق واتجه ليصعد ويرى ما يحدث بالأعلى!!! ....
وهو علي الدرج وصل الي اذنه صوتها الحزين الباكي....
سيبوني حرام
عليكم ابعدوا عني سيبوني سيبوني انا هقعد هنا !!
ليليها صوت والدتها العجوز ...
خلاص يا رامي سيبها تبات هنا انهارده عشان خاطري هي فيها اللي مكفيها ...
كانت الاصوات تقترب يليه صوت فتح باب شقة پعنف و اذا بصوت اخيها البغيض يعلو...
ماشي نسيبها لوحدها بس من بكره هتيجي معانا !!
استدار ظافر ليهبط الدرج مره اخري وهو يخرج مفاتيحه للدخول الي شقته لا يريد ان يزيد شقائها بان يعتقد ذلك البغيض انه معتاد علي الصعود اليها ....
لتقول والدة شروق الباكيه وهي تغلق الباب خلفهم ....
يا ابني الرحمة سيبها وانا الصبح هاجي ابص عليها بلاش فضايح عيب كده !!
وقف ظافر يستمع اليهم من خلف الباب حتي اختفت همهماتهم ....
هز رأسه پغضب هو لم و لن يبتلع المدعو شقيقها يوما ....
الله يرحمك يا يحيي و يحسن اليك !!
قالها من احشاء قلبه ...... وهو يتجه الي غرفته لأداء صلاه اضافيه عسي ان تشفع له و لفقيده ....
وكان مع كل سجده يدعو علي هؤلاء القتلة و الخونة من يدخلون اسم الاسلام والله في اعمالهم القڈرة و يحللون به ارهابهم للبشر ....
لينهي دعواته لبلد باركها الله بخير أجناد الارض !!!!
لا يعلم ظافر كيف مر الشهرين التاليين عليهم و لكنه يشعر بالهموم تزداد علي اكتافه يوما بعد الاخر وهو يستمع الي توسلات والده شروق و صياح اخيها كل يوم للعودة الي منزلها .......
يحيي كان لينتظر منه ان يحل تلك المعضلة وان يهتم بها .....
لم ينسي يوم استدعائه الطارئ عندما طرق بابه قائلا لو حصلي حاجه شروق امانه في رقبتك .....
زفر بيأس متمتما.....
لا اله الا الله ....اعمل ايه بس يا ربي !!..
الفصل الرابع ......
فلاش باك مستمر .....
خرج يوسف و معه فريدة قائلا ....
انا هقف علي الكنبه كأني ساكن فوق وانتي تخبطي علي ضهر الكنبة و هفتحلك تطلعي فهمتي !!!
هزت فيري رأسها بمرح طفولي وهي تمسك بلعبتها المفضلة وتركض للخلف .....
لمعت عيون ظافر بفكره لينادي عليهم ...
يوسف تعالي يا حبيبي ...
ايوة يا بابي
طنط شروق و حشتكم صح !
اه اه انا كمان انا كمان يا بابي اسوفها !!
قالت فيري بحماسه ليردف ظافر بجديه ...
طيب انا هخليكم تطلعوا بس بشرط !!
وقف ظافر عند باب الشقة يستمع الي طرقات يوسف الذي اتفق معه علي الصعود والاطمئنان علي حاله شروق و اخبارها بان والدهم بالعمل و انهم شعرا بالخۏف وقرروا الذهاب اليها ...
كما انه اعطاهم اكياس بها طعام جاهز املا في ان تأكل شيئا فقد سمع حسره والدتها وهي تشتكي فقدانها الشهية وفقدانها للكثير من الوزن...
سمع الباب يفتح ولكن صوتها الضعيف
لم يصل اليه سوي كهمهمات خافته تبعه صوت طفليه السعيد واغلاقها للباب ....
تنهد واغلق الباب ينتظر اما مكالمه من هاتف ابنه المعلق برقبته والذي لا